كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال ابن العربي في السراج‏:‏ لم أر للقميص ذكراً صحيحاً إلا في آية ‏{‏اذهبوا بقميصي هذا‏}‏ وقصة ابن أبيِّ‏.‏ ورده ابن حجر بأنه ثابت في عدة أحاديث أكثرها في السنن والشمائل‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في اللباس ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال العراقي‏:‏ رجاله رجال الصحيح ورواه عنه أيضاً النسائي في الزينة فما أوهمه تصرف المصنف من أن الترمذي تفرد به عن الستة غير جيد‏.‏

6789 - ‏(‏كان إذا لقيه أحد من أصحابه فقام قام معه‏)‏ الظاهر أن المراد بالقيام الوقوف ‏(‏فلم ينصرف حتى يكون الرجل هو الذي ينصرف عنه وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول يده ناوله إياها فلم ينزع يده منه حتى يكون الرجل هو الذي ينزع يده منه‏)‏ زاد ابن المبارك في رواية عن أنس ولا يصرف وجهه عن وجهه حتى يكون الرجل هو الذي يصرفه ‏[‏ص 160‏]‏ ‏(‏وإذا لقي أحداً من أصحابه فتناول أذنه ناوله إياها ثم لم ينزعها عنه حتى يكون الرجل هو الذي ينزعها عنه‏)‏ الظاهر أن المراد بمناولة الأذن أن يريد أحد من أصحابه أن يسر إليه حديثاً فيقرب فمه من أذنه يسر إليه فكان لا ينحي أذنه عن فمه حتى يفرغ الرجل حديثه على الوجه الأكمل وهذا من أعظم الأدلة على محاسن أخلاقه وكماله صلى اللّه عليه وسلم كيف وهو سيد المتواضعين وهو القائل وخالق الناس بخلق حسن‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏عن أنس‏)‏ وفي أبي داود بعضه‏.‏

6790 - ‏(‏كان إذا لقيه الرجل من أصحابه مسحه‏)‏ أي مسح يده بيده يعني صافحه ‏(‏ودعا له‏)‏ تمسك مالك بهذا وما أشبهه على كراهة معانقة القادم وتقبيل يده وقد ناظر ابن عيينة مالكاً واحتج عليه سفيان بأن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لما قدم جعفر من الحبشة خرج إليه فعانقه فقال مالك‏:‏ ذاك خاص بالنبي صلى اللّه عليه وسلم فقال له سفيان‏:‏ ما نخصه بفهمنا كذا في المطامح‏.‏

- ‏(‏ن عن حذيفة‏)‏ بن اليماني وفي أبي داود والبيهقي كان إذا لقي أحداً من أصحابه بدأ بالمصافحة ثم أخذ بيده فشابكه ثم شد قبضته‏.‏

6791 - ‏(‏كان إذا لقي أصحابه لم يصافحهم حتى يسلم عليهم‏)‏ تأديباً لهم وتعليماً لمعالم الديانة ورسوم الشريعة وحثاً على لزوم ما خصت به هذه الأمة من هذه التحية العظمى التي هي تحية أهل الجنة في الجنة‏.‏

- ‏(‏طب عن جندب‏)‏ بن عبد اللّه رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال الحافظ الهيثمي‏:‏ فيه من لم أعرفهم‏.‏

6792 - ‏(‏كان إذا لم يحفظ اسم الرجل‏)‏ أي الذي يريد نداءه وخطابه باسمه ‏(‏قال يا ابن عبد اللّه‏)‏ وهو عبد اللّه بن عبد اللّه بلا مزيد‏.‏

- ‏(‏ابن السني عن جارية الأنصاري‏)‏ هو في الصحابة عدة فكان ينبغي تمييزه ورواه أيضاً عنه الطبراني باللفظ المزبور قال الهيثمي‏:‏ وفيه أيوب الإنماطي أو أيوب الأنصاري ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات‏.‏

6793 - ‏(‏كان إذا مر بآية خوف تعوذ وإذا مر بآية رحمة سأل‏)‏ اللّه الرحمة والجنة ‏(‏وإذا مر بآية فيها تنزيه اللّه سبح‏)‏ أي قال سبحان ربي الأعلى كما في الرواية السابقة قال الحليمي‏:‏ فينبغي للمؤمن سواه أن يكونوا كذلك بل هم أولى به منه إذا كان اللّه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وهم من أمرهم على خطر‏.‏

- ‏(‏حم م 4 عن حذيفة‏)‏ بن اليمان‏.‏

6794 - ‏(‏كان إذا مر بآية فيها ذكر النار قال ويل لأهل النار أعوذ باللّه من النار‏)‏ فيسن ذلك لكل قارئ اقتداء به قال المظهر وغيره‏:‏ هذه الأشياء وشبهها تجوز في الصلاة وغيرها عند الشافعي وعند الحنفية والمالكية لا تجوز إلا في غير صلاة قالوا‏:‏ لو كان في الصلاة لبينه الراوي ولنقله عدة من الصحابة مع شدة حرصهم على الأخذ منه والتبليغ فإذا زعم أحد أنه في الصلاة حملناه على التطوع وأجاب الشافعية بأن الأصل العموم وعلى المخالف دليل الخصوص وبأن من يتعاني هذا يكون حاضر القلب متخشعاً خائفاً راجياً يظهر افتقاره بين يدي مولاه والصلاة مظنة ذلك والقصر على النقل تحكم‏.‏ وقال ابن حجر‏:‏ أقصى ما تمسك به المانع حديث إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ‏[‏ص 161‏]‏ وهو محمول على ما عدا الدعاء جمعاً بين الأخبار‏.‏

- ‏(‏ابن قانع‏)‏ في معجمه ‏(‏عن أبي ليلى‏)‏ بفتح اللامين الأنصاري والد عبد الرحمن صحابي اسمه بلال أو غيره كما مر رمز لحسنه‏.‏

6795 - ‏(‏كان إذا مر بالمقابر‏)‏ أي مقابر المسلمين ‏(‏قال السلام عليكم أهل الديار‏)‏ بحذف حرف النداء سمي موضع القبور داراً تشبيهاً لهم بدار الأحياء لاجتماع الموتى فيها ‏(‏من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات والصالحين والصالحات وإنا إن شاء اللّه بكم لاحقون‏)‏ أي لاحقون بكم في الوفاة على الإيمان وقيل الاستثناء للتبرك والتفويض قال الخطابي‏:‏ فيه أن السلام على الموتى كهو على الأحياء خلاف ما كانت الجاهلية عليه‏.‏

- ‏(‏ابن السني عن أبي هريرة‏)‏ قال ابن حجر في أمالي الأذكار‏:‏ إسناده ضعيف انتهى‏.‏ وقد ورد بمعناه في مسلم فقال‏:‏ كان يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء اللّه بكم لاحقون نسأل اللّه لنا ولكم العافية وفي خبر الترمذي كان إذا مر بقبور المدينة قال‏:‏ السلام عليكم يا أهل القبور يغفر اللّه لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر‏.‏

6796 - ‏(‏كان إذا مرض أحد من أهل بيته‏)‏ وفي رواية لمسلم من أهله ‏(‏نفث عليه‏)‏ أي نفخ نفخاً لطيفاً بلا ريق ‏(‏بالمعوذات‏)‏ بكسر الواو وخصهنّ لأنهن جامعات للاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلاً كما مر تفصيله وفائدة التفل التبرك بتلك الرطوبة أو الهواء المباشر لريقه وفيه ندب الرقية بنحو القرآن وكرهه البعض بغسالة ما يكتب منه أو من الأسماء الحسنى‏.‏

- ‏(‏م عن عائشة‏)‏ وتمامه عنده فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه لأنها كانت أعظم بركة من يدي انتهى بنصه‏.‏

6797 - ‏(‏كان إذا مشى لم يلتفت‏)‏ لأنه كان يواصل السير ويترك التواني والتوقف ومن يلتفت لا بد له في ذلك من أدنى وقفة أو لئلا يشغل قلبه بمن خلفه وليكون مطلعاً على أصحابه وأحوالهم فلا يفرط منهم التفاتة احتشاماً منه ولا غيرها من الهفوات إلى تلك الحال‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الأدب ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه صححه الحاكم فتعقبه الذهبي عليه بأن فيه عبد الجبار بن عمر تالف انتهى‏.‏

6798 - ‏(‏كان إذا مشى مشى أصحابه أمامه وتركوا ظهره للملائكة‏)‏ قال أبو نعيم‏:‏ لأن الملائكة يحرسونه من أعدائه انتهى‏.‏ ولا يعارضه قوله تعالى ‏{‏واللّه يعصمك من الناس‏}‏ لأن هذا إن كان قبل نزول الآية فظاهر وإلا فمن عصمة اللّه له أن يوكل به جنده من الملأ الأعلى إظهاراً لشرفه بينهم‏.‏

- ‏(‏ك عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه‏.‏

6799 - ‏(‏كان إذا مشى أسرع‏)‏ قال الزمخشري‏:‏ أراد السرعة المرتفعة عن دبيب المتماوت امتثالاً لقوله تعالى ‏{‏واقصد في مشيك‏}‏ أي اعدل فيه حتى يكون مشياً بين مشويين لا يدب دبيب المتماوتين ولا يثب وثب الشطار ‏(‏حتى يهرول الرجل‏)‏ أي يسرع في مشيه دون الخبب ‏(‏وراءه فلا يدركه‏)‏ ومع ذلك كان غاية من الهون والتأني وعدم العجلة وفي ‏[‏ص 162‏]‏ الشمائل للترمذي عن أبي هريرة ما رأيت أحداً أسرع من مشيته كأن الأرض تطوى له حتى إنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث وكان يمشي على هينته ويقطع ما يقطع بالجهد من غير جهد‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات عن يزيد بن مرثد مرسلاً هو أبو عثمان الهمداني الصنعاني كما مر وهو ثقة‏.‏

6800 - ‏(‏كان إذا مشى أقلع‏)‏ أي مشى بقوة كأنه يرفع رجليه من الأرض رفعاً قوياً لا كمن يمشي مختالاً على زي النساء فكان يستعمل التثبت ولا يبين منه في هذه الحالة استعجال وشدة مبادرة‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي عتبة‏)‏ بكسر ففتح بضبط المصنف ورواه أيضاً الترمذي في الشمائل في حديث طويل‏.‏

6801 - ‏(‏كان إذا مشى كأنه يتوكأ‏)‏ أي لا يتكلم كأنه أوكأ فاه فلم ينطق ومنه خبر ابن الزبير كان يوكأ بين الصفا والمروة سعياً‏[‏عبارة العلقمي‏:‏ وفي حديث الزبير أنه كان يوكئ بين الصفا والمروة سعياً أي لا يتكلم كأنه أوكأ فاه فلم ينطق والإيكاء في كلام العرب يكون بمعنى السعي الشديد واستدل عليه الأزهري بحديث الزبير ثم قال‏:‏ وإنما قيل للذي يشتد عدوه موك لأنه قد ملأ مايين جري رجليه وأوكئ عليه‏.‏‏]‏ والمراد سعى سعياً شديداً‏.‏

- ‏(‏د ك‏)‏ في الأدب ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك وقال الحاكم‏:‏ على شرطهما وأقره الذهبي‏.‏

6802 - ‏(‏كان إذا نام نفخ‏)‏ من النفخ وهو إرسال الهواء من مبعثه بقوة ذكره الحرالي وبين ذلك أن النفخ يعتري بعض النائمين دون بعض وأنه ليس بمذموم ولا مستهجن‏.‏

- ‏(‏حم ق عن ابن عباس‏)‏ وفي الحديث قصة طويلة‏[‏عن ابن عباس قال‏:‏ نمت عند خالتي ميمونة زوج النبي صلى اللّه عليه وسلم ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عندها تلك الليلة فتوضأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم قام فصلى فقمت عن يساره فأخذني فجعلني عن يمينه فصلى في تلك الليلة ثلاث عشرة ركعة ثم نام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى نفخ وكان إذا نام نفخ ثم أتاه المؤذن فخرج فصلى ولم يتوضأ‏.‏ فيه أن الجماعة في غير المكتوبة صحيحة‏]‏‏.‏

6803 - ‏(‏كان إذا نام من الليل‏)‏ عن تهجده ‏(‏أو مرض‏)‏ فمنعه المرض منه ‏(‏صلى‏)‏ بدل ما فاته منه ‏(‏من النهار‏)‏ أي فيه ‏(‏ثنتي عشرة ركعة‏)‏ أي وإذا شفي يصلي بدل تهجده كل ليلة ثنتي عشرة ركعة‏.‏

- ‏(‏م عن عائشة‏)‏‏.‏

6804 - ‏(‏كان إذا نام‏)‏ أي أراد النوم أو المراد اضطجع لينام ‏(‏وضع يده اليمنى تحت خده‏)‏ قال‏:‏ في رواية أبي داود وغيره الأيمن ‏(‏وقال اللّهم قني عذابك يوم تبعث عبادك‏)‏ زاد في رواية يقول ذلك ثلاثاً، والظاهر أنه كان يقرأ بعد ذلك الكافرون ويجعلها خاتمة الكلام‏.‏ قال حجة الإسلام‏:‏ ويندب له إذا أراد النوم أن يبسط فراشه مستقبل القبلة وينام على يمينه كما يضطجع الميت في لحده، ويعتقد أن النوم مثل الموت والتيقظ مثل البعث وربما قبضت روحه في ليلته فينبغي الاستعداد للقائه بأن ينام على طهر تائباً مستغفراً عازماً على أن لا يعود إلى معصية عازماً على الخير لكل مسلم إن بعثه اللّه‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ في الدعوات ‏(‏ن‏)‏ في يوم وليلة ‏(‏عن البراء‏)‏ بن عازب ‏(‏حم ت‏)‏ في الدعوات ‏(‏عن حذيفة‏)‏ بن ‏[‏ص 163‏]‏ اليمان ‏(‏حم ن عن ابن مسعود‏)‏ قال الترمذي‏:‏ حسن صحيح، وقال ابن حجر‏:‏ إسناده صحيح، وهو مستند المصنف في رمزه لتصحيحه‏.‏

6805 - ‏(‏كان إذا نزل منزلاً‏)‏ في سفره لنحو استراحة أو قيلولة أو تعريس ‏(‏لم يرتحل‏)‏ منه ‏(‏حتى يصلي‏)‏ فيه ‏(‏الظهر‏)‏ أي إن أراد الرحيل في وقته فإن كان في وقت فرض غيره فالظاهر أنه كان لا يرتحل حتى يصليه خشية من فوته عند الاشتغال بالترحال، وما أوهمه اللفظ من الاختصاص بالظهر غير مراد بدليل ما خرجه الإسماعيلي وابن راهويه أنه كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل وفي رواية للحاكم في الأربعين فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر ثم ركب‏.‏ قال العلائي‏:‏ هكذا وجدته بعد التتبع في نسخ كثيرة من الأربعين بزيادة العصر وسند هذه الزيادة جيد اهـ‏.‏ وخرج البيهقي بسند قال ابن حجر‏:‏ رجاله ثقات كان إذا نزل منزلاً في سفر فأعجبه أقام فيه حتى يجمع بين الظهر والعصر ثم يرتحل فإذا لم يتهيأ له المنزل مد في السير فسار حتى ينزل فيجمع بين الظهر والعصر‏.‏

- ‏(‏حم د ن عن أنس‏)‏ رمز المصنف لصحته‏.‏

6806 - ‏(‏كان إذا نزل منزلاً في سفر أو دخل بيته لم يجلس حتى يركع ركعتين‏)‏ فيندب ذلك اقتداءاً به وقد روى الطبراني أيضاً وأبو يعلى عن أنس كان إذا نزل منزلاً لم يرتحل منه حتى يودعه بركعتين وفيه عثمان بن سعد مختلف فيه‏.‏

- ‏(‏طب عن فضالة بن عبيد‏)‏ سكت المصنف عليه فلم يرمز إليه فأوهم أنه لا بأس بسنده وليس كذلك فقد قال الحافظ ابن حجر في أماليه‏:‏ سنده واه هكذا قال وقال شيخه الزين العراقي في شرح الترمذي‏:‏ فيه الواقدي‏.‏

6807 - ‏(‏كان إذا نزل عليه الوحي ثقل لذلك وتحدر جبينه عرقاً‏)‏ بالتحريك ونصبه على التمييز كأنه جمان بالضم والتخفيف أي لؤلؤ لثقل الوحي عليه ‏{‏إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً‏}‏ ‏(‏وإن كان‏)‏ نزوله ‏(‏في البرد‏)‏ لشدة ما يلقى عليه من القرآن ولضعف القوة البشرية عن تحمل مثل ذلك الوارد العظيم وللوجل من خوف تقصير فيما أمر به من قول أو فعل وشدة ما يأخذ به نفسه من جمعه في قلبه وحفظه فيعتريه لذلك حال كحال المحموم وحاصله أن الشدة إما لثقله أو لإتقان حفظه أو لابتلاء صبره أو للخوف من التقصير‏.‏

- ‏(‏طب عن زيد بن ثابت‏)‏ رمز المصنف لصحته‏.‏

6808 - ‏(‏كان إذا نزل عليه الوحي صدع فيغلف رأسه بالحناء‏)‏ لتخف حرارة رأسه فإن نور اليقين إذا هاج اشتعل في القلب بورود الوحي فيلطف حرارته بذلك‏.‏

- ‏(‏ابن السني وأبو نعيم‏)‏ كلاهما ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏الطب‏)‏ النبوي ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ قد اختلف في إسناده على الأخوص بن حكيم‏.‏

6809 - ‏(‏كان إذا نزل به همّ أ غمّ قال‏:‏ يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث‏)‏ أستعين وأستنصر يقال أغاثه اللّه أعانه ونصره وأغاثه اللّه برحمته كشف شدته وقد سمعت توجيهه عما قريب فراجعه‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الدعاء عن وضاح عن النضر بن إسماعيل ‏[‏ص 164‏]‏ البجلي عن عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح وردّه الذهبي بأن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه وعبد الرحمن ومن بعده ليسوا بحجة اهـ‏.‏

6810 - ‏(‏كان إذا نزل منزلاً لم يرتحل حتى يصلي فيه ركعتين‏)‏ أي غير الفرض‏.‏

- ‏(‏هق عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏ قال الحافظ ابن حجر‏:‏ حديث صحيح السند معلول المتن خرجه أبو داود والنسائي وابن خزيمة بلفظ‏:‏ الظهر ركعتين، فظهر أن في رواية الأول وهماً أو سقوطاً والتقدير حتى يصلي الظهر ركعتين وقد جاء صريحاً في الصحيحين‏.‏

6811 - ‏(‏كان إذا نظر وجهه في المرآة‏)‏ المعروفة ‏(‏قال الحمد للّه الذي سوى خلقي‏)‏ بفتح فسكون ‏(‏فعدله وكرم صورة وجهي فحسنها وجعلني من المسلمين‏)‏ ليقوم بواجب شكر ربه تقدس، ولهذا كان ابن عمر يكثر النظر في المرآة فقيل له، فقال أنظر فما كان في وجهي زين فهو في وجه غيري شين أحمد اللّه عليه، فيندب النظر في المرآة والحمد على حسن الخلق والخلقة لأنهما نعمتان يجب الشكر عليهما‏.‏

- ‏(‏ابن السني‏)‏ في اليوم والليلة ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك ورواه عنه أيضاً الطبراني في الأوسط قال الحافظ العراقي‏:‏ وسنده ضعيف ورواه عنه البيهقي في الشعب وفيه هاشم بن عيسى الحمصي أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ لا يعرف‏.‏

6812 - ‏(‏كان إذا نظر في المرآة قال الحمد للّه الذي حسن‏)‏ بالتشديد فعل ‏(‏خلقي‏)‏ بسكون اللام ‏(‏وخلقي‏)‏ بضمها ‏(‏وزان مني ما شان من غيري‏)‏ قال الطيبي‏:‏ فيه معنى قوله بعثت لأتمم مكارم الأخلاق فجعل النقصان شيناً كما قال المتنبي‏:‏

ولم أر من عيوب الناس شيناً * كنقص القادرين على التمام

وعلى نحو هذا الحمد حمد داود وسليمان ‏{‏ولقد آتينا داود وسليمان علماً وقالا الحمد للّه الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين‏}‏ ‏(‏وإذا اكتحل جعل في عين اثنتين‏)‏ أي كل واحدة اثنتين ‏(‏وواحدة بينهما‏)‏ أي في هذه أو في هذه ليحصل الإيتار المحبوب وأكمل من ذلك ما ورد عنه أيضاً في عدة أحاديث أصح منها أنه يكتحل في كل عين ثلاثاً لكن السنة تحصل بكل ‏(‏وكان إذا لبس نعليه بدأ باليمين‏)‏ أي بإنعال الرجل اليمنى ‏(‏وإذا خلع‏)‏ خلع ‏(‏اليسرى‏)‏ أي بدأ بخلعهما ‏(‏وكان إذا دخل المسجد أدخل رجله اليمنى وكان يحب التيامن في كل شيء أخذاً وعطاءاً‏)‏ كما مر بما فيه غير مرة‏.‏

- ‏(‏ع طب عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه عمرو بن الحصين العقيلي وهو متروك وتقدمه لذلك شيخه الحافظ العراقي فقال‏:‏ فيه عمرو بن الحصين أحد المتروكين‏.‏

6813 - ‏(‏كان إذا نظر إلى البيت‏)‏ أي الكعبة ‏(‏قال اللّهم زد بيتك هذا‏)‏ أضافه إليه لمزيد التشريف وأتى باسم الإشارة ‏[‏ص 165‏]‏ تفخيماً ‏(‏تشريفاً وتعظيماً وتكريماً وبراً ومهابةً‏)‏ إجلالاً وعظمةً‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ من حديث عمر بن يحيى الأيلي عن عاصم بن سليمان عن زيد بن أسلم ‏(‏عن حذيفة بن أسيد‏)‏ بفتح المهملة الغفاري وقال‏:‏ تفرد به عمر بن يحيى قال ابن حجر‏:‏ وفيه مقال وشيخه عاصم بن سليمان وهو الكرزي متهم بالكذب ونسب للوضع، ووهم من ظنه عاصم الأحول اهـ‏.‏ وقال الهيثمي‏:‏ فيه عاصم بن سليمان الكرزي وهو متروك‏.‏

6814 - ‏(‏كان إذا نظر إلى الهلال‏)‏ أي وقع بصره عليه والهلال كما في التهذيب اسم للقمر لليلتين من أول الشهر ثم هو قمر لكن في الصحاح اسم لثلاث ليال من أول الشهر ‏(‏اللّهم اجعله هلال يمن‏)‏ أي بركة ‏(‏ورشد‏)‏ أي صلاح ‏(‏آمنت بالذي خلقك فعدلك تبارك اللّه أحسن الخالقين‏)‏ ظاهر مخاطبته له أنه ليس بجماد بل حي دارك يعقل ويفهم قال حجة الإسلام‏:‏ وليس في أحكام الشريعة ما يدفعه ولا ما يثبته فلا ضرر علينا في إثباته‏.‏

- ‏(‏ابن السني عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

6815 - ‏(‏كان إذا هاجت ريح‏)‏ وفي رواية الريح معرفاً ‏(‏استقبلها بوجهه وجثا على ركبتيه‏)‏ أي قعد عليهما وعطف ساقيه إلى تحته وهو قعود المستوفز الخائف المحتاج إلى النهوض سريعاً وهو قعود الصغير بين يدي الكبير، وفيه نوع أدب كأنه لما هبت الريح وأراد أن يخاطب ربه بالدعاء قعد قعود المتواضع لربه الخائف من عذابه ‏(‏ومد يديه‏)‏ للدعاء ‏(‏وقال اللّهم إني أسألك من خير هذه الريح وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت إليه اللّهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذاباً اللّهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً‏)‏ لأن الريح من الهواء والهواء أحد العناصر الأربع التي بها قوام الحيوان والنبات حتى لو فرض عدم الهواء دقيقة لم يعش حيوان ولم ينبت نبات والريح اضطراب الهواء وتموجه في الجو فيصادف الأجسام فيحللها فيوصل إلى دواخلها من لطائفها ما يقوم لحاجته إليه فإذا كانت الريح واحدة جاءت من جهة واحدة وصدمت جسم الحيوان والنبات من جانب واحد فتؤثر فيه أثراً أكثر من حاجته فتضره ويتضرر الجانب المقابل لعكس مهبها بفوت حظه من الهواء فيكون داعياً إلى فساده بخلاف ما لو كانت رياحاً تعم جوانب الجسم فيأخذ كل جانب حظه فيحدث الاعتدال وقال الزمخشري‏:‏ العرب تقول لا تلقح السحاب إلا من رياح فالمعنى اجعلها لقاحاً من السحاب ولا تجعلها عذاباً‏.‏

استشكل ابن العربي خوفه أن يعذبوا وهو فيهم مع قوله ‏{‏وما كان اللّه ليعذبهم وأنت فيهم‏}‏ ثم أجاب بأن الآية نزلت بعد القصة واعترضه ابن حجر بأن آية الأنفال كانت في المشركين من أهل بدر ولفظ كان في الخبر يشعر بالمواظبة على ذلك ثم أجاب بأن في الآية احتمال التخصيص بالمذكورين أو بوقت دون وقت أو بأن مقام الخوف يقتضي عدم أمن المكر أو خشي على من ليس فيهم أن يقع بهم العذاب فالمؤمن شفقة عليه والكافر يود إسلامه وهو مبعوث رحمة للعالمين وفي الحديث الحث على الاستعداد بالمراقبة للّه والالتجاء إليه عند اختلاف الأحوال وحدوث ما يخاف بسببه‏.‏

‏(‏تنبيه آخر‏)‏ قال ابن المنير‏:‏ هذا الحديث مخصوص بغير الصبا من جميع أنواع الريح لقوله في الحديث الآتي نصرت بالصبا ويحتمل إبقاء هذا الحديث على عمومه ويكون نصرها له متأخراً عن ذلك أو أن نصرها له بسبب إهلاك أعدائه فيخشى من هبوبها أن تهلك أحداً من عصاة المؤمنين وهو كان بهم رؤوفاً رحيماً وأيضاً فالصبا يؤلف السحاب ويجمعه ثم المطر ‏[‏ص 166‏]‏ غالباً يقع حينئذ، وقد جاء في خبر أنه كان إذا أمطرت سرى عنه وذلك يقتضي أن يكون الصبا مما يقع التخوف عند هبوبها فيمكر ذلك على التخصيص المذكور‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا البيهقي في سننه ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ رمز المصنف لحسنه وليس كما ادعى، فقد قال الحافظ الهيثمي‏:‏ فيه حسن بن قيس الملقب بخنش وهو متروك وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ‏.‏ ورواه ابن عدي في الكامل من هذا الوجه وأعله بحسين المذكور ونقل تضعيفه عن أحمد والنسائي، ومن ضعفه هذا أن الإمامين لا يحسنا حديثه، ثم رأيت الحافظ في الفتح عزاه لأبي يعلى وحده عن أنس رفعه وقال‏:‏ إسناده صحيح اهـ‏.‏ فكان ينبغي للمؤلف عدم إهماله‏.‏

6816 - ‏(‏كان إذا وقع بعض أهله‏)‏ أي جامع بعض حلائله ‏(‏فكسل أن يقوم‏)‏ أي ليغتسل أو ليتوضأ ‏(‏ضرب بيده على الحائط فتيمم‏)‏ فيه أنه يندب للجنب إذا لم يرد الوضوء أن يتيمم ولم أقف على من قال به من المجتهدين ومذهب الشافعية أنه يسن الوضوء لإرادة جماع ثان أو أكل أو شرب أو نوم فإن عجز عنه بطريقه تيمم‏.‏

- ‏(‏طس عن عائشة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه بقية بن الوليد مدلس‏.‏

6817 - ‏(‏كان إذا وجد الرجل راقداً على وجهه‏)‏ أي نائماً عليه يقال رقد رقوداً نام ليلاً كان أو نهاراً وخصه بعضهم بالليل والأول أصح والظاهر أن الرجل وصف طردي وأن المراد الإنسان ولو أنثى إذ هي أحق بالستر ‏(‏ليس على عجزه شيء‏)‏ يستره من نحو ثوب ‏(‏ركضه‏)‏ بالتحريك ضربه ‏(‏برجله‏)‏ ليقوم ‏(‏وقال هي أبغض الرقدة إلى اللّه‏)‏ ومن ثم قيل إنها نوم الشياطين والعجز بفتح العين وضمها ومع كل فتح الجيم وسكونها والأفصح كرجل وهو من كل شيء مؤخره‏.‏

- ‏(‏حم عن الشريد‏)‏ بن سويد رمز المصنف لحسنه وهو تقصير أو قصور فقد قال الحافظ الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح اهـ فكان حقه أن يرمز لصحته‏.‏

6818 - ‏(‏كان إذا ودع رجلاً أخذ بيده فلا ينزعها‏)‏ أي يتركها ‏(‏حتى يكون الرجل هو‏)‏ الذي ‏(‏يدع يده‏)‏ باختياره ‏(‏ويقول‏)‏ مودعاً له ‏(‏أستودع اللّه دينك وأمانتك وخواتيم عملك‏)‏ أي أكل كل ذلك منك إلى اللّه وأتبرأ من حفظه وأتخلى من حرسه وأتوكل عليه فإنه سبحانه وفيّ حفيظ إذا استودع شيئاً حفظه ومن توكل عليه كفاه ولا قوة إلا باللّه قال جدي شيخ الإسلام الشرف المناوي رحمه اللّه تعالى في أماليه‏:‏ والأمانة هنا ما يخلفه الإنسان في البلد التي سافر منها‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ في الدعوات ‏(‏ن ه ك‏)‏ في الحج كلهم ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الحاكم‏:‏ على شرطهما وأقره الذهبي ورواه عنه أيضاً الضياء في المختارة وساقه من طريق الترمذي خاصة‏.‏

6819 - ‏(‏كان إذا وضع الميت في لحده قال بسم اللّه وباللّه وفي سبيل اللّه وعلى ملة رسول اللّه‏)‏ قال الشافعية‏:‏ فيسن لمن يدخل الميت القبر أن يقول ذلك لثبوته عن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فعلاً كما هنا وقولاً كما سبق في حرف الدال‏.‏

- ‏(‏د ت ه هق ‏[‏ص 167‏]‏ عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب رمز لحسنه وكذا رواه عنه النسائي وكأنه أغفله ذهولاً فقد قال الحافظ ابن حجر‏:‏ رواه أبو داود وبقية أصحاب السنن وابن حبان والحاكم اهـ‏.‏

6820 - ‏(‏كان أرحم الناس بالصبيان والعيال‏)‏ قال النووي‏:‏ وهذا هو المشهور وروي بالعباد وكل منهما صحيح واقع والعيال أهل البيت ومن يمونه الإنسان‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن أنس‏)‏ قال الزين العراقي‏:‏ وروينا في فوائد أبي الدحداح عن علي كان أرحم الناس بالناس‏.‏

6821 - ‏(‏كان أكثر أيمائه‏)‏ بفتح الهمزة جمع يمين ‏(‏لا ومصرف القلوب‏)‏ وفي رواية البخاري لا ومقلب القلوب أي لا أفعل وأقول وحق مقلب القلوب وفي نسبة تقلب القلوب أو تصرفها إشعار بأنه يتولى قلوب عباده ولا يكلها إلى أحد من خلقه وقال الطيبي‏:‏ لا نفي للكلام السابق ومصرف القلوب إنشاء قسم وفيه أن أعمال القلب من الأدوات والدواعي وسائر الأعراض بخلق اللّه وجواز تسمية اللّه بما صح من صفاته على الوجه اللائق وجواز الحلف بغير تحليف قال النووي‏:‏ بل يندب إذا كان لمصلحة كتأكيد أمر مهم ونفي المجاز عنه وفي الحلف بهذه اليمين زيادة تأكيد لأن الإنسان إذا استحضر أن قلبه وهو أعز الأشياء عليه بيد اللّه يقلبه كيف يشاء غلب عليه الخوف فارتدع عن الحلف على ما لا يتحقق‏.‏

- ‏(‏ه عن ابن عمر‏)‏ رمز المصنف لحسنه‏.‏

6822 - ‏(‏كان أكثر دعائه يا مقلب القلوب‏)‏ المراد تقليب أعراضها وأحوالها لا ذواتها ‏(‏ثبت قلبي على دينك‏)‏ بكسر الدال قال البيضاوي‏:‏ إشارة إلى شمول ذلك للعباد حتى الأنبياء ودفع توهم أنهم يستثنون من ذلك قال الطيبي‏:‏ إضافة القلب إلى نفسه تعريضاً بأصحابه لأنه مأمون العاقبة فلا يخاف على نفسه لاستقامتها لقوله تعالى ‏{‏إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم‏}‏ وفيه أن أغراض القلوب من إرادة وغيرها يقع بخلق اللّه وجواز تسمية اللّه بما ثبت في الحديث وإن لم يتواتر وجواز اشتقاق الاسم له من الفعل الثابت ‏(‏فقيل له في ذلك قال إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع اللّه‏)‏ يقلبه اللّه كيف يشاء وأتى هنا باسم الذات دون الرحمن المعبر به في الحديث المار لأن المقام هنا مقام هيبة وإجلال إذ الإلهية متقضية له لأن يخص كل واحد بما يخصه به من إيمان وطاعة وكفر وعصيان ‏(‏فمن شاء أقام ومن شاء أزاغ‏)‏ تمامه عند أحمد فنسأل اللّه أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ونسأل اللّه أن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب اهـ‏.‏ قال الغزالي‏:‏ إنما كان ذلك أكثر دعائه لاطلاعه على عظيم صنع اللّه في عجائب القلب وتقلبه فإنه هدف يصاب على الدوام من كل جانب فإذا أصابه شيء وتأثر أصابه من جانب آخر ما يضاده فيغير وصفه وعجيب صنع اللّه في تقلبه لا يهتدي إليه إلا المراقبون بقلوبهم والمراعون لأحوالهم مع اللّه تعالى وقال ابن عربي‏:‏ تقليب اللّه القلوب هو ما خلق فيها من الهم بالحسن والهم بالسوء فلما كان الإنسان يحس بترادف الخواطر المتعارضة عليه في قلبه الذي هو عبارة عن تقليب الحق وهذا لا يقتدر الإنسان على دفعه كان ذلك أكثر دعائه يشير إلى سرعة التقليب من الإيمان إلى الكفر وما تحتهما ‏{‏فألهمها فجورها وتقواها‏}‏ وهذا قاله للتشريع والتعليم‏.‏

- ‏(‏ت عن أم سلمة‏)‏ رمز المصنف لحسنه لكن قال الهيثمي‏:‏ فيه شهر بن حوشب وفيه عندهم ضعيف‏.‏

6823 - ‏(‏كان أكثر دعائه يوم عرفة لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء ‏[‏ص 168‏]‏ قدير‏)‏ قال ابن الكمال‏:‏ اليد مجاز عن القوة المتصرفة وخص الخير بالذكر في مقام النسبة إليه تقدس مع كونه لا يوجد الشر إلا هو لأنه ليس شراً بالنسبة إليه تعالى وقال الزمخشري‏:‏ التهليل والتحميد دعاء لكونه بمنزلته في استيجاب صنع اللّه تعالى وإنعامه‏.‏

- ‏(‏حم عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص قال الهيثمي‏:‏ رجاله موثقون اهـ‏.‏ ومن ثم رمز المصنف لحسنه لكن نقل في الأذكار عن الترمذي أنه ضعفه قال الحافظ ابن حجر‏:‏ وفيه محمد بن أبي حميد أبو إبراهيم الأنصاري المدني غير قوي عندهم‏.‏

6824 - ‏(‏كان أكثر ما يصوم الاثنين والخميس‏)‏ فصومهما سنة مؤكدة ‏(‏فقيل له‏)‏ أي فقال له بعض أصحابه لم تخصهما بأكثرية الصوم ‏(‏فقال الأعمال تعرض‏)‏ على اللّه تعالى هذا لفظ رواية الترمذي وعند النسائي على رب العالمين ‏(‏كل اثنين وخميس فيغفر لكل مسلم إلا المتهاجرين‏)‏ أي المسلمين المتقاطعين ‏(‏فيقول‏)‏ اللّه لملائكته ‏(‏أخروهما‏)‏ حتى يصطلحا وفي معناه خبر تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك باللّه شيئاً إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا وفي خبر آخر اتركوا هذين حتى يفيئا قال الطيبي‏:‏ لا بد هنا من تقدير من يخاطب بقول أخروا أو اتركوا أو أنظروا أو ادعوا كأنه تعالى لما غفر للناس سواهما قيل اللّهم اغفر لهما أيضاً فأجاب بذلك اهـ‏.‏ وما قدرته أولاً أوضح وفيه رد على الحليمي في قوله اعتياد صومهما مكروه ولذلك حكموا بشذوذه وتسميتهما بذلك يقتضي أن أول الأسبوع الأحد وهو ما نقله ابن عطية عن الأكثر لكن ناقضه السهيلي فنقل عن العلماء إلا ابن جرير أن أوله السبت‏.‏

- ‏(‏حم عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

6825 - ‏(‏كان أكثر صومه‏)‏ من الشهر ‏(‏السبت‏)‏ سمي به لانقطاع خلق العالم فيه والسبت القطع ‏(‏والأحد‏)‏ سمي به لأنه أول أيام الأسبوع عند جمع ابتدأ فيه خلق العالم ‏(‏ويقول هما يوما عيد المشركين فأحب أن أخالفهم‏)‏ سمى اليهود والنصارى مشركين والمشرك هو عابد الوثن إما لأن النصارى يقولون المسيح ابن اللّه واليهود عزير بن اللّه وإما أنه سمى كل من يخالف دين الإسلام مشركاً على التغليب وفيه أنه لا يكره إفراد السبت مع الأحد بالصوم والمكروه إنما هو إفراد السبت لأن اليهود تعظمه والأحد لأن النصارى تعظمه ففيه تشبه بهم بخلاف ما لو جمعهما إذ لم يقل أحد منهم بتعظيم المجموع‏.‏ قال بعضهم‏:‏ ولا نظير لهذا في أنه إذا ضم مكروه لمكروه آخر تزول الكراهة‏.‏

- ‏(‏حم طب ك‏)‏ في الصوم ‏(‏هق‏)‏ كلهم ‏(‏عن أم سلمة‏)‏ وسببه أن كريباً أخبر أن ابن عباس وناساً من الصحابة بعثوه إلى أم سلمة يسألها عن أي الأيام كان أكثر لها صياماً فقالت‏:‏ يوم السبت والأحد فأخبرهم فقاموا إليها بأجمعهم فقالت‏:‏ صدق ثم ذكرته قال الذهبي‏:‏ منكر ورواته ثقات‏.‏

6826 - ‏(‏كان أكثر دعوة يدعو بها ربنا‏)‏ بإحسانك ‏(‏آتنا في الدنيا‏)‏ حالة ‏(‏حسنة‏)‏ لنتوصل إلى الآخرة بها على ما يرضيك قال الحرالي‏:‏ وهو الكفاف من مطعم ومشرب وملبس ومأوى وزوجة لا سرف فيها ‏(‏وفي الآخرة حسنة‏)‏ أي من ‏[‏ص 169‏]‏ رحمتك التي تدخلنا بها جنتك ‏(‏وقنا عذاب النار‏)‏ بعفوك وغفرانك قال الطيبي‏:‏ إنما كان يكثر من هذا الدعاء لأنه من الجوامع التي تحوز جميع الخيرات الدنيوية والأخروية وبيان ذلك أنه كرر الحسنة ونكرها تنويعاً وقد تقرر في علم المعاني أن النكرة إذا أعيدت كانت الثانية غير الأولى فالمطلوب في الأولى الحسنات الدنيوية من الاستعانة والتوفيق والوسائل التي بها اكتساب الطاعات والمبرات بحيث تكون مقبولة عند اللّه وفي الثانية ما يترتب من الثواب والرضوان في العقبى، قوله وقنا عذاب النار تتميم أي إن صدر منا ما يوجبها من التقصير والعصيان فاعف عنا وقنا عذاب النار فحق لذلك أن يكثر من هذا الدعاء

- ‏(‏حم ق د‏)‏ من حديث قتادة عن أنس بن مالك قال صهيب‏:‏ سأل قتادة أنساً أي دعوة كان يدعو بها النبي صلى اللّه عليه وسلم أكثر‏؟‏ فذكره قال‏:‏ وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها‏.‏

6827 - ‏(‏كان بابه يقرع بالأظافير‏)‏ أي يطرق بأطراف أظافر الأصابع طرقاً خفيفاً بحيث لا يزعج تأدباً معه ومهابة له قاله الزمخشري ومن هذا وأمثاله تقتطف ثمرة الألباب وتقتبس محاسن الآداب كما حكى عن أبي عبيد ومكانه من العلم والزهد وثقة الرواية ما لا يخفى أنه قال‏:‏ ما دققت باباً على عالم قط حتى يخرج وقت خروجه انتهى‏.‏ ثم هذا التقرير هو اللائق المناسب وقول السهيلي سبب قرعهم بابه بالأظافر أنه لم يكن فيه حلق ولذلك فعلوه رده ابن حجر بأنهم إنما فعلوه توقيراً وإجلالاً فعلم أن العلماء لا ينبغي أن يطرق بابهم عند الاستئذان عليهم إلا طرقاً خفيفاً بالأظفار ثم بالأصابع ثم الحلقة قليلاً قليلاً، نعم إن بعد موضعه عن الباب بحيث لا يسمع صوت قرعه بنحو ظفر قرع بما فوقه بقدر الحاجة كما بحثه الحافظ ابن حجر وتلاه الشريف السمهودي قال ابن العربي في حديث البخاري‏:‏ في قصة جابر مشروعية دق الباب لكن قال بعض الصوفية‏:‏ إياك ودق الباب على فقير فإنه كضربة بالسيف كما يعرف ذلك أرباب الجمعية بقلوبهم على حضرة اللّه وقال بعضهم‏:‏ إياك ودق الباب فربما كان في حال قاهر يمنعه من لقاء الناس مطلقاً‏.‏

- ‏(‏الحاكم في‏)‏ كتاب ‏(‏الكنى‏)‏ والألقاب ‏(‏عن أنس‏)‏ ورواه أيضاً البخاري في تاريخه ورواه أبو نعيم عن المطلب بن يزيد عن عمير بن سويد عن أنس قال في الميزان عن ابن حبان‏:‏ عمير لا يجوز أن يحتج به وقال في موضع آخر‏:‏ رواه أبو نعيم عن حميد بن الربيع وهو ذو مناكير انتهى ورواه أيضاً باللفظ المزبور البراز قال الهيثمي‏:‏ وفيه ضرار بن صرد وهو ضعيف ورواه البيهقي في الشعب أيضاً عن أنس بلفظ إن أبوابه كانت تقرع بالأظافير‏.‏

6828 - ‏(‏كان تنام عيناه ولا ينام قلبه‏)‏ ليعي الوحي الذي يأتيه في نومه ورؤيا الأنبياء وحي ولا يشكل بقصة النوم في الوادي لأن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلقة به كحدث وألم لا ما يتعلق بالعين ولأن قلبه كان مستغرقاً إذ ذاك بالوحي وأما الجواب بأنه كان له حالان حالة ينام فيها قلبه وحالة لا فضعفه النووي‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في التفسير عن يعقوب بن محمد الزهري عن عبد العزيز بن محمد عن شريك ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك قال الحاكم‏:‏ على شرط مسلم ورده الذهبي بأن يعقوب ضعيف ولم يرو له مسلم انتهى‏.‏

6829 - ‏(‏كان خاتمه‏)‏ بفتح التاء وكسرها سمي خاتماً لأنه يختم به ثم توسع فيه فأطلق على الحلي المعروف وإن لم يكن معداً للتختم به ذكره ابن العراقي ‏(‏من ورق‏)‏ بكسر الراء فضة ‏(‏وكان فصه حبشياً‏)‏ أي من جزع أو عقيق لأن معدنهما من الجنة أو نوعاً آخر ينسب إليهما وفي المفردات نوع من زبرجد ببلاد الحبش لونه إلى الخضرة ينقي العين ويجلو البصر‏.‏

- ‏(‏م عن أنس‏)‏ بن مالك وفيه عنه من طريق آخر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم لبس خاتماً من فضة في يمينه فيه فص حبشي كان يجعل فصه مما يلي كفه‏.‏

‏[‏ص 170‏]‏ 6830 - ‏(‏كان خاتمه من فضة فصه منه‏)‏ أي فصه من بعضه لا منفصل عنه مجاور له فمن تبعيضية أو الضمير للخاتم وهذا بدل من خاتمه وكان هذا الخاتم بيده ثم الصديق فعمر فعثمان حتى وقع منه أو من معيقيب في بئر أريس‏.‏

- ‏(‏خ‏)‏ في اللباس ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

6831 - ‏(‏كان خلقه‏)‏ بالضم قال الراغب‏:‏ هو والمفتوح الخاء بمعنى واحد لكن خص المفتوح بالهيئات والصور المبصرة والمضموم بالسجايا والقوى المدركة بالبصيرة ثم قيل للمضموم غريزي ‏(‏القرآن‏)‏ أي ما دل عليه القرآن من أوامره ونواهيه ووعده ووعيده إلى غير ذلك وقال القاضي‏:‏ أي خلقه كان جميع ما حصل في القرآن فإن كل ما استحسنه وأثنى عليه ودعا إليه فقد تحلى به وكل ما استهجنه ونهى عنه تجنبه وتخلى عنه فكان القرآن بيان خلقه انتهى‏.‏ وقال في الديباج‏:‏ معناه العمل به والوقوف عند حدوده والتأدب بآدابه والاعتبار بأمثاله وقصصه وتدبيره وحسن تلاوته وقال السهروردي في عوارفه‏:‏ وفيه رمز غامض وإيماء خفي إلى الأخلاق الربانية فاحتشم الراوي الحضرة الإلهية أن يقول كان متخلقاً بأخلاق اللّه تعالى فعبر الراوي عن المعنى بقوله كان خلقه القرآن استحياء من سبحات الجلال وستراً للحال بلطف المقال وذا من نور العقل وكمال الأدب وبذلك عرف أن كمالات خلقه لا تتناهى كما أن معاني القرآن لا تتناهى وأن التعرض لحصر جزئياتها غير مقدور للبشر ثم ما انطوى عليه من جميل الأخلاق لم يكن باكتساب ورياضة وإنما كان في أصل خلقته بالجود الإلهي والإمداد الرحمني الذي لم تزل تشرق أنواره في قلبه إلى أن وصل لأعظم غاية وأتم نهاية‏.‏

- ‏(‏حم م د عن عائشة‏)‏ ووهم الحاكم حيث استدركه‏.‏

‏(‏كان رحيماً بالعيال‏)‏ أي رقيق القلب متفضلاً محسناً رقيقاً وفي صحيح مسلم وأبي داود رحيماً رفيقاً ولفظه عن عمران بن حصين كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل فأسرت ثقيف رجلين من الصحابة وأسر الصحب رجلاً من بني عقيل فأصابوا معه العضباء ناقة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأتى عليه وهو في الوثاق فقال‏:‏ يا محمد فأتاه فقال‏:‏ ما شأنك فقال‏:‏ بم أخذتني فقال‏:‏ بجريرة حلفائك ثقيف ثم انصرف عنه فناداه يا محمد وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رحيماً رفيقاً فرجع إليه فقال‏:‏ ما شأنك‏؟‏ قال‏:‏ إني مسلم قال‏:‏ لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح، وفي الصحيحين عن مالك بن الحويرث قال‏:‏ أتينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رحيماً رفيقاً فظنّ أنا قد اشتقنا إلى أهلنا فقال‏:‏ ارجعوا إلى أهليكم وليؤذن لكم أحدكم ثم ليؤمّكم أكبركم‏.‏

- ‏(‏الطيالسي‏)‏ أبو داود في مسنده ‏(‏عن أنس‏)‏ رمز المصنف لصحته‏.‏

6832 - ‏(‏كان رايته‏)‏ تسمى العقاب كما ذكره ابن القيم وكانت ‏(‏سوداء‏)‏ أي غالب لونها أسود خالص ذكره القاضي ثم الطيبي‏.‏ قال ابن حجر‏:‏ ويجمع بينهما باختلاف الأوقات لكن في سنن أبي داود أنها صفراء، وفي العلل للترمذي عن البراء كانت سوداء مربعة من حبرة ‏(‏ولواؤه أبيض‏)‏ قال ابن القيم‏:‏ وربما جعل فيه السواد والراية العلم الكبير واللواء العلم الصغير فالراية هي التي يتولاها صاحب الحرب وليقاتل عليها وإليها تميل المقاتلة واللواء علامة كبكبة الأمير تدور معه حيث دار ذكره جميع وقال ابن العربي‏:‏ اللواء ما يعقد في طرف الرمح ويكون عليه والراية ما يعقد فيه ويترك حتى تصفقه الرياح ‏(‏تتمة‏)‏ روى أبو يعلى بسند ضعيف عن أنس رفعه‏:‏ إن اللّه كرم أمتي بالألوية‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الجهاد وكذا الترمذي وكأن المؤلف ذهل عنه ‏(‏ك‏)‏ في الجهاد ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ ولم يصححه الحاكم وزاد الذهبي فيه أن فيه يزيد بن حبان وهو أخو مقاتل وهو مجهول الحال، وقال البخاري‏:‏ عنده غلط ظاهر وساقه ابن عدي من مناكير يزيد بن حبان عن عبيد اللّه، نعم رواه الترمذي في العلل عن البراء من طريق آخر بلفظ‏:‏ كانت سوداء مربعة من نمرة، ثم قال ‏[‏ص 171‏]‏ سألت عنه محمداً يعني البخاري فقال‏:‏ حديث حسن اهـ‏.‏ ورواه الطبراني باللفظ المذكور من هذا الوجه وزاد مكتوب عليه لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه‏.‏

6833 - ‏(‏كان ربما اغتسل يوم الجمعة‏)‏ غسلها ‏(‏وربما تركه أحياناً‏)‏ ففيه أنه مندوب لا واجب وفي قوله أحياناً إيذان بأن الغالب كان الفعل والأحيان جمع حين وهو الزمان قلّ أو كثر‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه محمد بن معاوية النيسابوري وهو ضعف، لكن أثنى عليه أحمد، وقال‏:‏ عمرو بن علي ضعيف لكنه صدوق‏.‏

6834 - ‏(‏كان ربما أخذته الشقيقة‏)‏ بشين معجمة وقافين كعظيمة وجع أحد شقي الرأس ‏(‏فيمكث‏)‏ أي يلبث ‏(‏اليوم واليومين لا يخرج‏)‏ من بيته لصلاة ولا غيرها لشدة ما به من الوجع، وذكر الأطباء أن وجع الرأس من الأمراض المزمنة وسببه أبخرة مرتفعة أو أخلاط حارة أو باردة ترتفع إلى الدماغ فإن لم تجد منفذاً أخذ الصداع فإن مال إلى أحد شقي الرأس أحدث الشقيقة، وإن ملك قمقمة الرأس أحدث داء البيضة، وقال بعضهم‏:‏ الشقيقة بخصوصها في شرايين الرأس وحدها وتختص بالموضع الأضعف من الرأس وعلاجها شد العصابة ولذلك كان المصطفى صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا أخذته عصب رأسه‏.‏

- ‏(‏ابن السني وأبو نعيم‏)‏ معاً ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏الطب‏)‏ النبوي ‏(‏عن بريدة‏)‏ بن الحصيب‏.‏

6835 - ‏(‏كان ربما يضع يده على لحيته في الصلاة من غير عبث‏)‏ فلا بأس بذلك إلا خلا عن المحذور وهو العبث ولا يلحق بتغطية الفم في الصلاة حيث كره، وفي سنن البيهقي عن عمرو بن الحويرث كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ربما مس لحيته وهو يصلي‏.‏ قال بعضهم‏:‏ وفيه أن تحرّك اليد أي من غير عبث لا ينافي الخشوع‏.‏

- ‏(‏عد هق عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب، وفيه عيسى بن عبد اللّه الأنصاري‏.‏ قال في الميزان عن ابن حبان‏:‏ لا ينبغي أن يحتج بما انفرد به ثم ساق له هذا الخبر‏.‏

6836 - ‏(‏كان رحيماً‏)‏ حتى بأعدائه لما دخل يوم الفتح مكة على قريش وقد أجلسوا بالمسجد الحرام وصحبه ينتظروه أمره فيهم من قتل أو غيره قال‏:‏ ما تظنون أني فاعل بكم قالوا‏:‏ خيراً أخ كريم وابن أخ كريم فقال‏:‏ أقول كما قال أخي يوسف ‏{‏لا تثريب عليكم اليوم‏}‏ اذهبوا فأنتم الطلقاء‏.‏ قال ابن عربي‏:‏ فلا ملك أوسع من ملك محمد فإن له الإحاطة بالمحاسن والمعارف والتودد والرحمة والرفق ‏{‏وكان بالمؤمنين رحيماً‏}‏ وما أظهر في وقت غلظة على أحد إلا عن أمر إلهي حين قال له ‏{‏جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم‏}‏ فأمر بما لم يقتضي طبعه ذلك وإن كان بشراً يغضب لنفسه ويرضى لها ‏(‏وكان لا يأتيه أحد إلا وعده وأنجز له إن كان عنده‏)‏ وإلا أمر بالاستدانة عليه، وفي حديث الترمذي أن رجلاً جاءه فسأله أن يعطيه فقال‏:‏ ما عندي شيء ولكن ابتع عليّ، فإذا جاءنا شيء قضيته فقال عمر‏:‏ يا رسول اللّه قد أعطيته فما كلفك اللّه ما لا نقدر عليه فكره قول عمر، فقال رجل من الأنصار‏:‏ يا رسول اللّه أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالاً، فتبسم فرحاً بقول الأنصاري أي وعرف في وجهه البشر ثم قال‏:‏ بهذا أمرت‏.‏

- ‏(‏خد عن أنس‏)‏ بن مالك وروى الجملة الأولى منه البخاري وزاد بيان السبب فاسند عن مالك بن الحويرث قال‏:‏ قدمنا على النبي صلى اللّه عليه وسلم ونحن ‏[‏ص 172‏]‏ شببة فلبثنا عنده نحواً من عشرين ليلة، وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم رحيماً‏.‏ زاد في رواية ابن علية رفيقاً فقال‏:‏ لو رجعتم إلى بلادكم فعلمتموهم‏.‏

6838 - ‏(‏كان شديد البطش‏)‏ قد أعطى قوّة أربعين في البطش والجماع كما في خبر الطبراني عن ابن عمرو وفي مسلم عن البراء كنا واللّه إذا حمي البأس نتقي به وإن الشجاع منا الذي يحاذي به وفي خبر أبي الشيخ عن عمران ما لقي كتيبة إلا كان أول من يضرب ولأبي الشيخ عن عليّ كان من أشد الناس بأساً ومع ذلك كله فلم تكن الرحمة منزوعة عن بطشه لتخلقه بأخلاق اللّه وهو سبحانه ليس له وعيد وبطش شديد ليس فيه شيء من الرحمة واللطف ولهذا قال أبو يزيد البسطامي وقد سمع قارئاً يقرأ ‏{‏إن بطش ربك لشديد‏}‏ بطشي أشد فإن المخلوق إذا بطش لا يكون في بطشه رحمة وسببه ضيق المخلوق فإنه ما له الاتساع الإلهي وبطشه تعالى وإن كان شديداً ففي بطشه رحمة بالمبطوش به فلما كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أعظم البشر اتساعاً كانت الرحمة غير منزوعة عن بطشه وبذلك يعرف أنه لا تعارض بين هذا والذي قبله‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏عن محمد بن علي‏)‏ وهو ابن الحنفية مرسلاً ورواه أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ من رواية أبي جعفر معضلاً‏.‏

6839 - ‏(‏كان طويل الصمت قليل الضحك‏)‏ لأن كثرة السكوت من أقوى أسباب التوقير وهو من الحكمة وداعية السلامة من اللفظ ولهذا قيل من قلّ كلامه قلّ لغطه وهو أجمع للفكر‏.‏

- ‏(‏حم‏)‏ من حيث سماك ‏(‏عن جابر بن سمرة‏)‏ قال سماك‏:‏ قلت لجابر أكنت تجالس النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ نعم وكان طويل الصمت إلخ‏.‏ رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح غير شريك وهو ثقة‏.‏

6840 - ‏(‏كان فراشه نحواً‏)‏ خبر كان أي مثل شيء ‏(‏مما يوضع للإنسان‏)‏ أي الميت ‏(‏في قبره‏)‏ وقد وضع في قبره قطيفة حمراء أي كان فراشه للنوم نحوها ‏(‏وكان المسجد عند رأسه‏)‏ أي كان إذا نام يكون رأسه إلى جانب المسجد‏.‏ قال حجة الإسلام‏:‏ وفيه إشارة إلى أنه ينبغي للإنسان أن يتذكر بنومه كذلك أنه سيضجع في اللحد كذلك وحيداً فريداً ليس معه إلا عمله ولا يجزى إلا بسعيه ولا يستجلب النوم تكلفاً بتمهيد الفراش الوطئ فإن النوم تعطيل للحياة‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في اللباس ‏(‏عن بعض آل أم سلمة‏)‏ ظاهر صنيعه أن أبا داود تفرد بإخراجه عن الستة وليس كذلك بل رواه أيضاً ابن ماجه في الصلاة هذا وقد رمز المصنف لحسنه‏.‏

6841 - ‏(‏كان فراشه مسحاً‏)‏ بكسر فسكون بلاساً من شعر أو ثوب خشن يعد للفراش من صوف يشبه الكساء أو ثياب سود يلبسها الزهاد والرهبان وبقية الحديث عند مخرجه الترمذي يثنيه ثنيتين فينام عليه فلما كان ذات ليلة قلت لو ثنيته أربع ثنيات لكان أوطأ فثنيناه له بأربع ثنيات فلما أصبح قال‏:‏ ما فرشتموه الليلة قلنا‏:‏ هو فراشك إلا أنا ثنيناه بأربع ثنيات قلنا هو أوطأ لك قال‏:‏ ردوه لحاله الأول فإنه منعني وطاؤه صلاتي الليلة‏.‏ قال ابن العربي‏:‏ وكان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يمهد فراشه ويوطئه ولا ينفض مضجعه كما يفعل الجهال بسنته اهـ‏.‏ وأقول‏:‏ قد جهل هذا الإمام سنته في هذا المقام فإنه قد جاء من عدة طرق أنه قال عليه الصلاة والسلام إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره‏.‏

- ‏(‏ت في‏)‏ كتاب ‏(‏الشمائل‏)‏ النبوية ‏(‏عن حفصة‏)‏ بنت عمر رمز المصنف لحسنه وليس بجيد فقد قال ‏[‏ص 173‏]‏ الحافظ العراقي هو منقطع‏.‏

6842 - ‏(‏كان فرسه يقال له المرتجز‏)‏ قال ابن القيم‏:‏ وكان أشهب ‏(‏وناقته القصواء‏)‏ بضم القاف والمد قيل هي التي تسمى العضباء وقيل غيرها ‏(‏وبغلته الدلدل‏)‏ بضم فسكون ثم مثله سميت به لأنها تضطرب في مشيها من شدة الجري يقال دلدل في الأرض ذهب ومر يدلدل ويتدلدل في مشيه يضطرب ذكره ابن الأثير ‏(‏وحماره عفير‏)‏ فيه مشروعية تسمية الفرس والبغل والحمار وكذا غيرها من الدواب بأسماء تخصها غير أسماء أجناسها قال ابن حجر‏:‏ وفي الأحاديث الواردة في نحو هذا ما يقوي قول من ذكر بعض أنساب الخيول العربية الأصيلة لأن الأسماء توضع لتميز بين أفراد الجنس ‏(‏ودرعه‏)‏ بكسر الدال زرديته ‏(‏ذات العضول وسيفه ذو الفقار‏)‏ قال الزين العراقي‏:‏ وروينا في فوائد أبي الدحداح حماره يعفور وشاته بركة وفي حديث للطبراني اسم شاته التي يشرب لبنها غنية وأخرج ابن سعد في طبقاته كانت منائح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الغنم سبع عجوة وسقيا وبركة وزمزم وورسة وأطلال وأطراف وفي سنده الواقدي وله عن مكحول مرسلاً كانت له شاة تسمى قمر‏.‏

- ‏(‏ك هق عن علي‏)‏ أمير المؤمنين‏.‏

6843 - ‏(‏كان فيه دعابة‏)‏ بضم الدال ‏(‏قليلة‏)‏ أي مزاح يسير قال الزمخشري‏:‏ المداعبة كالمزاحة ودعب يدعب كمزح يمزح ورجل دعب ودعابة وفي المصباح دعب يدعب كمزح يمزح وزناً ومعنى والدعابة بالضم اسم لما يستملح من ذلك قال ابن عربي‏:‏ وسبب مزاحه أنه كان شديد الغيرة فإنه وصف نفسه بأنه أغير من سعد بعد ما وصف سعداً بأنه غيور فأتى بصيغة المبالغة والغيرة من نعت المحبة وهم لا يظهرونها فستر محبته وما له ومن الوجد فيه بالمزاح ملاعبته للصغير وإظهار حبه فيمن أحبه من أزواجه وأبنائه وأصحابه وقال ‏{‏إنما أنا بشر‏}‏ فلم يجعل نفسه أنه من المحبين فجهلوا طبيعته وتخيلت أنه معها لما رأته يمشي في حقها ويؤثرها ولم تعلم أن ذلك عن أمر محبوبه إياه بذلك وقيل إن محمداً صلى اللّه عليه وسلم يحب عائشة والحسنين وترك الخطبة يوم العيد ونزل إليهما لما رآهما يعثران في أذيالهما، وهذا كله من باب الغيرة على المحبوب أن تنتهك حرمته وهكذا ينبغي أن يكون تعظيماً للجناب الأقدس أن يعشق‏.‏

- ‏(‏خط وابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن ابن عباس‏)‏‏.‏

6844 - ‏(‏كانت قراءته المد‏)‏ وفي رواية مداً أي كانت ذات مدّ أي كان يمد ما كان في كلامه من حروف المد واللين ذكره القاضي وقال المظهر‏:‏ معناه كانت قراءته كثيرة المد وحروف المد الألف والواو والياء فإذا كان بعدها همزة يمد ذلك الحرف ‏(‏ليس فيها ترجيع‏)‏ يتضمن زيادة أو نقصان كهمز غير المهموز ومد غير الممدود وجعل الحرف حروفاً فيجر ذلك إلى زيادة في القرآن وهو غير جائز والتلحين والتغني المأمور به ما سلم من ذلك‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي بكرة‏)‏ رمز المصنف لحسنه وليس كما ظن فقد قال الهيثمي وغيره‏:‏ فيه عمرو بن وجيه وهو ضعيف وقال مرة أخرى‏:‏ فيه من لم أعرفه وفي الميزان‏:‏ تفرد به عمرو بن موسى يعني ابن وجيه وهو متهم أي بالوضع‏.‏